Sunday, June 17, 2007

كيف تحفّز الشخصية الايجابية في ذاتك

سلسلة–( 2) الايجابية أو الهلاك-


ثانيا:مبررات الايجابية


المبررات كثيرة ولكل منا اولويات متعددة في تبرير الاقتراب من النموذج الايجابي وأهمها:
1- فردية التأثير على الذات وهنا نتذكر إن لا احد يستطيع إن يجعلك سعيدا وأنت تودع عزيزا إلا سحر ابتسامتك الجميلة وبث السعادة بدلا عن الأسى في نفسك، لا يعرف احد كيف يسعدك كمعرفتك أنت وتذكر دائما انه لا احد يختار والديه ولكنه يستطيع اختيار طريقه وتغييره إذا أراد، وان النجاح والفشل مرتبطان مباشره بما تعمله وما لا تعمله، لذلك فأنت مسؤول عن زرع النموذج الايجابي في ذاتك.
2- الوقت لا ينتظر أحدا، فمن يعتقد ان هناك وقت لننغص على أنفسنا ونعيش كما يقولون مشاعر المواقف الطبيعية فنلطم خدينا وننتحب ثم مع الوقت نعود لحياتنا الطبيعية الايجابية نعمل ونضحك ونسير ونتكلم و.....الخ يخدع نفسه ومن سيضمن لحظة حياة قادمة الوقت سيمضي سواء عملنا فيه أم لم نعمل. والقاعد المغبون لن يكون يوما قائدا أو حتى فردا ناجحا لقد خدع نفسه وفوت وقته وضيع رياحه دون ان يغتنمها عندما هبت، فالايجابيون يستخدمون كل ما وهبهم الله من أوقات وطاقات ومواهب ويركزون على الأكثر أهمية وأولوية ويفضلون تأجيل المتع نظرا منهم للنتائج لا يستعجلون النجاح بل يعطون لكل شيء حقه ووقته.
وهنا نجد محمدا صلى الله عليه وسلم وقد نجح في إسقاط التسويف من معجم صحابته وصنع من كل واحد منهم امة لوحده من الايجابيين المبادرين، لم ينتظر أيا منهم معجزة تنقذ المسلمين بل حرصوا ان يكون لكل منهم مساهمة في النصر السياسي والاقتصادي والروحي، وأمثلة ذلك كثيرة:
فسلمان الفارسي يستفيد من خلفيته الحضارية ويفكر ويقترح حفر الخندق، وأبو بصير يخطط لحرب عصابات خارج الهدنة، وصحابي آخر ينقل زراعة القمح للحجاز بعد ان أرقته كثرة أبناء المهاجرين والأنصار، ويسرع عبد الله بن عمرو لتدوين الحديث. وهكذا يبادر كل منهم لاستثمار الوقت العام للأمة ويصنعون بمبادراتهم الفردية امة ايجابية خرجت منتصرة من عذابات الجاهلية وخبراتها المؤلمة، لم تضيع لحظة من انتظار الفعل الإلهي إلا ويقوم كل واحد منهم بمبادرته معتقدين أنهم أسباب الفعل الإلهي.
3- النموذج الايجابي فيه اعذار إلى الله والى النفس. كلنا يحضره هدهد سليمان الذي خاف ألا يقبل قائده فكرة تغيبه فيعاقبه على عدم استئذانه، وحركته ملكاته إلى استجلاب أعذار ومبررات تنقذه، وقد غاب متناسيا الإذن، و في ظل ضعف الفضول أمام مظهر جديد ومثير، جلب خبره لقائده حتى يفكر في أمره ويقدم أعذاره بقوم استوضح مراقبته لهم أثناء غيابه أنهم على غير التوحيد، فكان الفعل والمبادرة هما عذره، ونحن بحاجة لعذر عن تقصيرنا مع أنفسنا وعن أخطائنا بحقها، ما العذر ؟ انها مبادرة جديدة تدخلنا في النموذج الايجابي، فنعيد تقبل أنفسنا إلى أنفسنا ونسعد مع ذواتنا ونبدل إحباطها ايجابية.
4- الواقع المحيط المليء بالتغيرات المتسارعة التي تخرجك من منطقة الأمان وهي منطقة الأشياء التي مارسناها لمدة كافية ولمرات عديدة، مما أشعرنا براحة وأمان عندما نكررها مرة أخرى ولو حدث جديد لقلقنا وتفاديناه مع انه موجود.
أما الايجابيون فهم يستقبلون التحديات ورؤوسهم عالية، فهم يعرفون انه لا توجد ضمانات، ومع ذلك يبذلون كل ما يستطيعون.
5- الحاجة لقيام حضارة إنسانية:
فالمتتبع للحضارة الإنسانية يجد الإبداع الفردي والمبادرة الذاتية هما منبع الأفكار المميزة وبداية التطور والحضارة، فالمصباح مثلاً فكرة ومبادرة ومتابعة فردية، حتى الاتجاهات الفكرية التي ساهمت في البناء الاجتماعي أو الروحي أو السياسي أو الاقتصادي، لم تكن جماعية المنشأ بقدر ما سبقها حلم فردي طموح تحقق بمبادرة وتحدي فردي كوّن جماعة التغيير التي أصبحت لها القوة والضغط والإسهام في صنع الاوطان.
حتى المؤسسات والحكومات التي بنت مدنيات حديثة لو تفحصناها لرأينا خلفها بداية مبادرة فردية سبقت تكوين فريق البناء.
6- الانتقال إلى الواقع:
فكثير منا يستغني بخياله الخصب وأحلامه الكبيرة عن الواقعية المبدعة، ويهرب من سلبية و احباطات الحياة إلى خيالات سعيدة لم تكن ولم تحدث، فينام بها سعيدا حتى إذا أفاق منها لم يتذكرها وهي مرحلة مهمة، لكن الايجابية تنقلك من سحر الحلم إلى راحة التنفيذ والعمل على صنع مستقبل مسترشداً بالحلم من الهروب إلى التحدي والمواجهة. فمن لا يحلم بالفوز خسر بالفعل، ولكن فقط إذا مثّل هذا الحلم تحدياً وسلماً للنجاح، وكأننا نردد هنا واجه الواقع فأنت لست مدينا لأحد الا بقدر ما تريد.
7- الرسالة والأمانة والهدف:
لا يعقل انك تعيش هكذا، ولم توجد بدون هدف، و لتثبت عكس ذلك لا بد من العمل والاستمرار في العمل المشبع بالروح، مهما صغر الهدف يبقى بحاجة ليعمل صاحبه ليصله، والأهداف التي لا تلقى نموذجاً ايجابياً يعمل ليصلها تسقط إلى أحلام كسالى نائمين.
أما دواب الأرض فهي تمشي تأكل ما تصدفه وما يوضع لها، وأسمى ما تحققه وجبة مشبعة و نومة هانئة ولا تعنى بالبناء النفسي ولا العمراني ولا الثقافي ولا.......الخ من مكونات البناء الحضاري الذي يقوم على رسائل الأفراد وما يؤتمنون عليه من أهداف، تسهم في السمو بالبشرية عن المخلوقات الأخرى.
8- الثقة بالنفس والاحترام من الآخرين:
قف أمام نفسك وهي تبادر بفكرة جديدة مرتبطة بعمل مبدع، كيف تراها، لقد ذهب عنها الاهتزاز والتردد، ولقد حظيت باحترام كل من حولها أنها ايجابية تطلب المعالي.
تقول اليانور روزفلت:( يكون المستقبل للذين يؤمنون بجمال أحلامهم، احلم أحلاما كبيرة لتحقق قوة دفع للتغيير ) وكان الصحابة رضوان الله عليهم لا يسالون الله سبحانه اقّل من مرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، وإذا استعرضنا سير الناجحين نجدهم يعملون أكثر من بقية الناس ولذلك يحظون ويحصلون على احترام الناس ويديمون الثقة بأنفسهم. وتذكر ان الهدوء يجبنك الكثير من الصراعات والهدوء فن من فنون الحياة لا يتقنه الاكثرون مع انه فن يمكن تعلمه وبذا اتيح لك ان تتمكن منه بان امتلكت قدرة المحافظة على الاتزان النفسي الداخلي بحيث لا يستطيع احد ان يؤثر على هدوئك مهما اتبع من سبل ووسائل، فتأكد بأنك سوف تتجنب معظم المنازعات وتكون الفائز بالكثير منها
9- الايجابية تحفظك من التراجع والسقوط:
فإما ان تقود نفسك أو تقاد بها، فالزهرة لو رضيت ان تبقى بذرة تحت السبخ والماء الكدر والحمأ المسنون، ولم تشق طريقها إلى أشعة الشمس لما خرجت ألوانها ورائحتها ولبقيت مطمورة.
ونعيد قول الشاعر:
إذا هبت رياحك فاغتنمها فان لكل خافقة سكونا
وإذا فتح أحدكم باب خير فليسرع إليه فانه لا يدري متى يغلق عنه.
10- الحاجة لنماذج من الايجابيين لبقاء الاستيعاب البشري:
فان ركن كل منا إلى غيره في تمثّل النموذج الايجابي وانخرط هو في تذبذبه مع الأحداث بحسب مستوى إيجابيتها وسلبيتها، لم نجد من يكلف نفسه بالايجابية ولن نجد من يسع غيره حتى نتخيل مجتمع متقطع الأوصال عجوز كسول ووجبة سهلة لذئاب البشر.فهي حقيقة ان الإنسان يستجيب للجو المحيط به ولكن الايجابي يخلق مناخه بنفسه ويشكل بيئة ايجابية لغيره ليعيدهم لها .
ولكن كيف يكون أحدنا هو النموذج الايجابي في نفسه، ومهنته، وعائلته......؟ لا يوجد إنسان إلا ويصاب بالبلاء، والناس كما قدمنا بداية ً أنواع في التعامل مع البلاء، فالصانع للحدث ايجابي في منع التحول من الاكتئاب والسلبية إلى الخبرة المفيدة المطلقة لطاقة جديدة دافعة لنجاح قادم ومن ساخط مكتئب ومن كسول قاعد متفرج يحسب ان الحياد يدوم، متناسياً نظريات الزيادة – النقصان التي تنقي وجود حال راكدة.

Friday, June 8, 2007

كيف تحفّز الشخصية الايجابية في ذاتك

سلسلة
–( 1) الايجابية أو الهلاك-
يقولون أن هناك ثلاثة أنواع من البشر: أناس يصنعون ما يحدث، وأناس يشاهدون ما يحدث وأناس يتساءلون عما يحدث. وكأنهم يعلمونك كيف تكون سعيدا متفائلا مبادرا صاحب رد فعل أقوى من آثار الفعل، موجها للأحداث مؤثرا فيها غير متأثر.
وكأنهم يقولون لك أن الحياة ليست ملزمة بمنحك كل ما تريد، وهي النظرة ذاتها القائلة بتحدي الأحداث والصعوبات وصنع سلم النجاح منها بناء على نظرتك أنت للعقبات، وهنا نبدأ بتفحص النموذج الايجابي الذي نتمنى الوصول إليه والذي نتوقع انه يتحقق بتغيير النفس والصفات السلبية لكن الجديد أن طرحنا لهذا النموذج يقتضي العمل على تغيير النظرة وليس تغيير الصفات فالسلبيات مطروحة بشكل دائم، ولكن الجديد هو النظر إليها كايجابيات تعطيك تمكينا وعزما وخبرة على التفاؤل بالتعامل مع سلبيات اكبر مستقبلا وهذا هو الأساس في النموذج الايجابي، ولكن ما هي الايجابية ؟ وما هي مبررات الاهتمام بالنظرة الايجابية ،وكيف يمكن لأحدنا أن يكون ايجابيا ثم هل هناك أمثلة واقعية لنماذج ايجابية تعطينا مؤشرات نتعلم منها.
نحاول في البحث التالي طرح النموذج من خلال الأسئلة السابقة والتي ستنير لنا الدافعية والرغبة لتبني هذا النموذج في الحياة والعمل والعلاقات.
أولا:الايجابية والمفهوم
نتعامل مع مفردات الايجابية ونقف مع لفتة تعد محفزة لهذه المفردات، صباح كل يوم لو وقفنا إلى النافذة وعندما نرى أشعة الشمس التي أشرقت للتو صرخنا تحققت المعجزة مرة أخرى لقد أشرقت الشمس كم من الدهشة والفرح و....الخ. من المشاعر سيتولد. أنها النظرة غير الروتينية بمعجزات اعتدنا على وجودها حتى أصبحنا نعدها من الروتينيات التي تشعرنا بملل وسلبية.
كما قد نكون في السيارة فيصطدم طرفها بسيارة أخرى أو شجرة أو رصيف أو........ الخ ويتلف احد جوانبها فنسخط ويصيبنا اكتئاب ولو توقفنا وأخذنا نفسا عميقا ورفعنا يدينا وشكرنا الله على ألطافه فلم تتحطم كل السيارة ولم نصب بأذى و....الخ من الأفكار التي تشعرنا بأننا محظوظون في هذا الحادث وسننتبه المرة القادمة ونجد السرعة هدأت و الأولويات استقرت وأصبحت لدينا حكمة في قيادة السيارة.
والكثير الكثير من المفردات التي تولدها مواقف تظهر سلبية ولكنها قد تضيف لنا نجاحا جديدا تحكم نظرتنا الجديدة لها واعتباراتنا الايجابية لها كملف خبرة ودليل نجاح جديد.
هذا يعني أننا عندما نتحدث عن الايجابية نتحدث عن السعادة الدائمة والتفاؤل وقيادة النفس والانفعالات والقبضة الحديدية على الإحداث والإرادة اللامعة والمبادرة التي لا تستدعي إلا من الداخل والعمل والاتساع والإبداع في الأحلام وقوة الأفكار ومستقبل مبتكر.
انتزع النصر من الهزيمة
قال تيودور روزفلت( أتمنى ان أرى في المواطن العادي التصميم على عدم التراجع أمام الضربات العارضة في الحياة كما يحصل من حين الى آخر بل ان ينهض ثانية وينتزع النصر من الهزيمة). يكمن سر النجاح في كل حياة نبيلة جريئة في ان تنهض من كبوتك وتنتزع النصر من الهزيمة ربما كان الماضي خيبة أمل مرت لك وعندما تتأمله تجد انك كنت مخفقا متراخيا فاتر الهمة، ربما لم تنجح مرة أو مرات عديدة في إنجازه، خسرت مالا، أقارب، أصدقاء، بيت و عقار، عجز من مرض، وظيفة كنت تطمح بها!!!! عندما ترفض الهزيمة يكون النصر بانتظارك على الطريق
.
محمد ابو قلبين
مدير عام المركزي للتدريب والتطوير