Tuesday, April 17, 2007

ومضات في إدارة الذات



يقول الله تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
صدق الله العظيم
وروي عن عيسى عليه السلام قال: " ماذا يكسب الإنسان إذا فاز بكل شيء وخسر نفسه "
النفس... الذات... ذلك الخليط الشعري المنظم بإيقاع طاقاتها وقدراتها ومشاعرها وتناسق خطواتها وطموحاتها وأهدافها، كيف تحولها من فوضى السلبية والانسياق للطوارئ إلى الايجابية وإنجاز الواجبات المطلوبة. فالنفس تركيب خطير خاصة إذا وقفنا بها على منحنى قيادتها وإدارتها وتسييرها بموسيقى التنظيم .

كيف نجتث ما سارت عليه بحكم عضويتها في مجتمع الهدر للأوقات والذوات، بل كيف ننجح الخطط الاستثمارية في تربتها الخصبة بعد تسويتها ؟ خاصة اننا ندرك المشكاة الحقيقية التي تعتري مجتمعاتنا في شيوع الفوضى والانسياق وراء الطوارىء دون نضوج ايام حياتنا
إنه التأمل... الخطوة الأولى في طريق المريد فالمكان يعج بأصدقاء عاتبين على وقت لم نمنحهم إياه في جلسة ود وتبادل لأحاديث الصداقة، ومن اولى بدرء معاتبته كالنفس التواقة لتعرف امكاناتها وزلاتها ومبتغاها، التأمل ذلك البناء المتناسق في صياغة حياتنا وتوازنه والذي يشبه تركيبة الشعر المنظم الذي يترك خلودا وجمالا على الكلام .
الوقت هو البداية ولو قل.
اصطحب أدوات تديم استمرارية أثر لحظات التفكير، وأنت تقول لذاتك من أنا ؟!
اكتب ردها !!! وعدِّله أن لم يعجبك، ثم اسأل نفسك ماذا أريد ؟ واكتب ما تمليه عليك وأعد عليها السؤال، وعدل ما كتبت حتى تصل إلى بيت الشعر النفسي ذي الإيقاع الخالد المنسجم مع السؤال الأول ثم تابع تجلي ذاتك أمامك، واسألها عما يؤهلها لما تريد، واكتب وعدل أيضاً ثم عاود استدراجك واسألها عما يعيقها فيما تريد واكتب فقرة جديدة في خطة تغيير نفسك وإدارتها، ثم أعد على نفسك سؤال ما يلزم لاستثمار ما يعينك في قدراتك وطاقاتك لتحقيق ما تريد، واجعل لنفسك من كل أسبوع شيء تريده وجلسة تخطيط مثل تلك، وجلسة تقييم لما أنجزت وهنا تذكر حال ما وصفته " شيري بايكوفسكي"
" إذا كنت تعتقد أنك منشغل جداً بدرجة لا توفر لك وقتاً للتنظيم، فإنك بذلك تكون أولى بالتنظيم من شخص يملك ما يكفيه من الوقت والطاقة اللذين يشجعانه على بعثرة مقتنياته".
حياتنا من صنع أفكارنا.
وتعال لنتذكر معاً شخصين ولدا عام 1910 الأول ولد ناجحاً في يوم ناجح بدرجات دراسية متفوقة وتزوج من امرأة ناجحة شاركته همومه وأفكاره، قضى حياته في إنجازات ناجحة واغتنم الفرص وطور نفسه ومواهبه وشارك مجتمعه حملات نشر الوعي والتطوير ومات عام 1980 وبقي ذكره حياة في قلوب من شاركهم همومهم وتطورهم
وشخص آخر ولد عادياً أيضاً عام 1910 في يوم عادي بدرجات دراسية عادية قضى حياته لا يدري له هدفاً، قضى وقته في أعمال هامشية متفرقة. لم يخض أبداً في مخاطر
وهموم الآخرين وقضايا مجتمعه لم يغتنم أية فرصة، كان شعاره المفضل " القناعة كنز لا يفنى"، فلم يشعر به احد، مات عادياً عام 1980، ومات حياً عام 1932 ودفن عام 1980.
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات فأي ذات تختار، وهل نترك لذاتنا عنان الفوضى أم نفسح بإرادتنا لها طريق الطموح والنجاح.
وهل نتركها كـ " أليس في بلاد العجائب " ...
لا تدري وجهتها فلم تأبه بعد أي الطرق تسلك أم نجعل سبيلنا معها استراتيجية التطور والمعالي... وهذا ابن القيم يذكرنا بانما يقطع السفر ويصل المسافر بلزوم الجادة وسير الليل فاذا حاد المسافر عن الطريق ونام الليل كله فمتى يصل الى مقصده .
لا بل تفاءل بأنك تملك الكثير مما ينبغي لملمته، وقاوم محاولاتك للهروب بجلسات التأهل وسمّها جلسات النجاح.
يعينك عليها قراءة كتب كثيرة في تنظيم الوقت والذات، وارتيادك للفرص التي تقدمها دور الخبرة في التدريب الإداري للذات والوقت والتخطيط و ... الخ من أطروحات النجاح مع النفس و الآخرين.
في ذكراك ولدَ ناجحاً وترك أثراً.
كتب الشاعر الألماني غوتـه :
"ما تستطيع أن تعمله أو تحلم بان تعمله ابدأ به..
إن الجرأة تحتوي على العبقرية والقوة والسحر..
فقط ابدأ وبعدها يسخن العقل.... ابدأه وسوف يكتمل العمل .