Friday, December 26, 2008

...الرضى الوظيفي حقيقة وواقع أم خيال وسراب -2...

مفهوم الرضا الوظيفي
في بحث مفهوم الرضى معان كثيرة فمنهم من يطرحه بمعنى الوفاء أو الإخلاص أو التفاني أو الانتماء والولاء والتبني ويفسر من تعامل مع مفهوم الرضى بان المفردات السابقة ما هي إلا بذور وأبعاد الرضى وليست تعنيه تماما إنما ننتجه ونتطور منه.
وقدمه بعض الدارسين على انه ضد السخط، ونستطيع ان نجمع ان الرضى الوظيفي هو شعور بالراحة والاتزان والايجابية نحو الوظيفة. إنها نوع من صنع واقع جديد للعمل والنفس.
اذكر في صنع مفهوم للرضى حكاية غاية في الأهمية يوردها" بوب ديدنسكي" الفني في معمل شركة ريموجينكس عنونها بعبارة " اصنع واقعا جديدا يتسم بالرضى" يقول اعتدنا أيام الدراسة في الكلية على بيع الكتب من بيت إلى بيت ولقد كان شعارنا هو ان نصنع واقعنا الخاص بنا ويعني بهذا انه حالما يحقق رقما قياسيا من حيث رقم المبيعات فان ذلك يحدث تغييرا في مجمل نظرتنا إلى عملنا فمثلا لو كان الرقم القياسي هو بيع عشرين من الكتب في أربع ساعات ثم حدث ان قام احد بتجاوز ذلك وتمكن من بيع خمسة وعشرين كتابا فإننا لا نفرح بعد ذلك ان باع الواحد منا عشرين كتابا لماذا؟ الجواب هو أننا أدركنا انه من الممكن بيع عدد اكبر من الكتب. فقد كنا نحاول في كل يوم ان نصنع واقعا جديدا نسعد به ونرضى عنه.
وهنا يتلخص مفهوم الرضى الوظيفي انه تجميع الظروف النفسية والبيئية المحيطة بالفرد والتي تشكل بوتقة تتجمع فيها علاقة الموظف بزملائه ورؤسائه وتتوافق مع شخصيته ليطلق عبارة أنا سعيد في عملي.
مظاهر وجود الرضى الوظيفي
للرضى الوظيفي مظاهر عديدة أبرزها التعاون بين الفرد وزملائه في العمل ونمو العلاقات الشخصية الوظيفية وارتفاع الانتماء للعمل ولمجموعة العمل كذلك ارتفاع الإنتاجية للفرد وفريق العمل وتصبح هناك مبادرات فردية للموظف وتبرز لديه المسارعة لخدمة المؤسسة ونشاط واستعداد دائم وتحفز مستمر للتدريب والتغيير.كذلك الواقعية والتفاؤل الدائم والشعور بالأمن والاستقرار الوظيفي ومقابله فان مظاهر عدم وجود الرضى الوظيفي في العمل هي نقيض النقاط السابقة تماما من ظهور سوء التكيف والإحباط وسواد الشكوى والضجر والملل والاستياء والشعور بالروتين. ولكن يبرز هنا سؤال يعلق الجرس في مكانه وهو من المسئول عن تكوين روح الرضى للفرد في العمل؟فأنت الذي تصنع واقع عملك إما ان يكون برضا أو سخط فزميلك في العمل له واقع أيضا وقد يكون مختلفا عن واقعك في العمل أو بالأصح وضعك الوظيفي أما ان يكون سجنا لك فيحد من تفكيرك وسلوكياتك وأفعالك وإما ان يكون مجالا لإثراء نفسك وسلوكياتك ويزيد من فرصة نجاحك.
يقول "جي هولان" مقولة خالدة في هذا المجال ولقد أوردها تراثنا الخالد قبلا مفادها
يرزق الله كل طائر رزقه، بيد انه لا يقذف بذلك الرزق إلى أعشاش الطيور، فنحن لا نجانب الصواب ان القينا باللوم في بعض مظاهر عدم الرضى الوظيفي على قيادة المؤسسة أو البيئة الاجتماعية للعمل أو حتى الظروف المادية أو التكنولوجية للعملأو المستوى الروتيني الاجتماعي المتدني للوظيفة ولكننا لا نملك إلا الاعتراف بان الوظيفة واقع نحن فيه فكيف نراه بعين الرضى والسعادة وما أهمية هذه النظرة الايجابية للعمل

No comments: